خلصت أشغال اليوم الدراسي الذي احتضنته دار الثقافة لولاية بومرداس حول أعمال الروائي رشيد ميموني «إلى الإعلان عن التأسيس لطبعة دولية تحمل اسم الراحل من المرجح أن تكون شهر نوفمبر من السنة المقبلة حسب ما كشف عنه لـ»الشعب» مدير الثقاقة جمال فوغالي، سيشارك فيها نخبة من الأدباء والباحثين الذين اشتغلوا على أدب ميموني والمغاربي بصفة عامة وهذا من باب رد الاعتبار للروائي والتعريف بإرثه الأدبي الذي تخطى حدود الوطن، ومحاولة فك عقدة الترجمة بتقريب التوافق بين الأطراف الثلاثة الناشر، المترجم وعائلة ميموني.
سجلت ولاية بومردس محطة أخرى من المحطات الأدبية والفكرية التي تحاول جاهدة التصالح مع رموزها الفكرية والثقافية التي ساهمت في إثراء الساحة المحلية والوطنية بأعمال إبداعية هامة، لكنها ظلت لأسباب عديدة بعيدة عن الاهتمام النقدي والتعريف بها عن طريق الترجمة خاصة منها المكتوبة باللغة الفرنسية، وهي نقطة التوافق تقريبا لدى اغلب الأساتذة المتدخلين خلال اليوم الدراسي الذين اعترفوا»بالتقصير» في تناول أعمال ميموني سواء بالإنفتاح الأكاديمي على الجامعة أو بتفعيل مشاريع الترجمة التي شرع فيها كل من أستاذ الأدب الشعبي عبد الحميد بورايو الذي كان له شرف ترجمة رواية «النهر المحول» إلى اللغة العربية والأستاذ لحبيب السايح الذي قام بترجمة رواية»شرف القبيلة».في هذه النقطة بالذات تقول أستاذة اللغة العربية بجامعة بومرداس وعضو اللجنة العلمية «عسيو كنزة» متحدثة لـ»الشعب» عن هذا الإشكال»أن التقصير تتاقسمه أطراف كثر، لكن المقاربات النقدية الجديدة المتواصلة في السنوات الأخيرة تستدعي قراءات لأعمال ميموني من زوايا مختلفة، فكلما غيرنا نوع المقاربة التي ندخل بها إلى أعمال الروائي كلما تحصلنا على دراسات جديدة ومفيدة، وعليه كأساتذة نحن من خلال الأعمال الموجهة نقوم بتوجيه الطلبة نحو هذا الاتجاه للتعريف بمثل هؤلاء الأدباء، وأضافت بالقول:»الطالب لا يستطيع الولوج إلى عمل أدبي دون الاطلاع عليه، وعليه نحن نسعى لتقريب النصوص الروائية ثم تحفيزه لدراسة أعمال ميموني، وتبديد الخوف من عائق اللغة خاصة وان كل أعمال رشيد ميموني مكتوبة باللغة الفرنسية ولم يتم لحد الآن ترجمتها إلى العربية لتمكين الطلبة من الاستفادة منها».من جهته اعتبر أستاذ الأدب الشعبي عبد الحميد بورايو في تصريح خاص لـ»الشعب «، أن أعمال ميموني الذي أصبح وجها أدبيا عالميا للرواية الجزائرية لا يمكن تناولها هكذا بطريقة بسيطة بل تستدعي منا التفكير جليا في الارتقاء بمثل هذه اللقاءات الأدبية لتأخذ بعدا دوليا بداية من السنة المقبلة، وعليه بدأنا في التحضير للتظاهرة بتشكيل لجنة علمية تتكون من خمسة أساتذة اشتغلوا على الرواية المغاربية وميموني بالذات، أستاذ تونسي، أستاذ مغربي، أستاذ جزائري مقيم بفرنسا، آخر بكندا وأستاذ مقيم بالولايات المتحدة، مع التركيز أكثر على إشراك طلبة الجامعة الجزائرية لمواكبة التطورات العالمية في مناهج دراسة الأدب الروائي.كما تطرق الأستاذ الباحث إلى إشكالية الترجمة في الجزائر التي قال عنها «أنها تتوقف على ضمان التمويل والنشر وهي شروط مغيبة حاليا، مشيرا في هذا الصدد إلى تجربة النهر المحول التي فشلت تقريبا في الوصول إلى اكبر عدد من القراء، كما كبحت الوضعية القانونية المتعلقة بإشكالية حقوق الناشر الأصلي لعائلة ميموني من مواصلة ترجمة باقي الأعمال، في وقت كان من المفروض أن يعمل الناشر على معالجتها وليس المترجم».
بالمقابل برر مدير الثقافة لولاية بومرداس جمال فوغالي الاكتفاء بتنظيم يوم دراسي من يوم واحد بدلا من لقاء وطني يليق بمكانة الرجل إلى ضيق الوقت، لكنه أكد أن اللقاء رغم ذلك حققه أهدافه المسطرة بترسيم الطبعة الدولية السنة القادمة خاصة بعد إعلان والي الولاية عن تبينه للفكرة واستعداده للتكفل بالملتقى وتقديم كل الدعم والإمكانات الضرورية لكي يكون في بومرداس باسم رشيد ميموني.
كما وعد بالعمل على دعوة عائلة الكات لإيجاد حلا توافقيا، قانونيا وأخلاقيا لترجمة أعماله إلى اللغتين العربية والامازيغية لأنه أديبا ومناضلا، ومثقفا عضويا لم يعد ملكا لأسرته الصغيرة بل ملكا للمجموعة الوطنية والإنسانية قاطبة لاستعادة هذا الروائي لعائلته الأدبية الوطنية، وتمكين الطلبة وكل الباحثين من الاطلاع على أعماله باللغات الوطنية الثلاثة.